Tuesday, November 30, 2010

جريدة الرأي

منال الأدهم - الجمعية الأردنية للعناية بالسكري

يعتبر النوع الأول من السكري في الأطفال هو حالة مرضية تصيب الطفل بسبب توقف البنكرياس عن إنتاج الأنسولين الذي يحتاجه الطفل لاستمرارية حياته ، وبهذا يقوم الطفل بتعويض هذا العوز باستخدام حقن الأنسولين.وتعتبر إصابة الطفل بالنوع الأول من السكري مصدر قلق بالغ للأهل؛ فعلاج مرض السكري بجميع أنواعه يعتمد بشكل كبير على المريض نفسه وقدرته على التحكم بنسبة السكر في الدم. ويتطلب منه تغير نمط حياته بما يلائم مرضه وليس العكس. لذا فالنوع الأول المعتمد على الأنسولين له خصوصية ، لأنه يصيب الأطفال واليافعين في عمر المدرسة وما قبلها. فالطفل وحده لا يستطيع أن يقوم بجميع المتطلبات المنوطة به مثل : (فحص نسبة السكر, أخذ الإنسولين، حساب جرعة الإنسولين...إلخ) دون مساعدة أهله ومدرسته التي يقضي بها ثلث يومه تقريباً ، وبخاصة إذا تم تشخيصهم أثناء فترة المراهقة حيث المقاصف المدرسية المشبعة بالشيبس و انواع العصائر المختلفة.هنا تبرز أهمية التثقيف السكري للعائلة والمدرسة لأن إلمام الطفل وأهله ومدرسته بكيفية التعامل اليومي مع مرضه له كبير الأثر في السيطرة على السكري و منع المضاعفات قصيرة المدى كهبوط السكر وارتفاعه ، وطويلة المدى كاعتلال الأعصاب و شبكية العين...وغيرها . مثال ذلك كيفية التصرف قبل حصة التربية الرياضية وغيرها من أمورتتعلق جميعها بحياة الطفل اليومية وتتدخل بطريقة مباشرة وغير مباشرة في جميع ممارساته اليومية، فهذه الثقافة السكرية هي مفتاح الأمان للطفل وأهله . وليس الجوهر هنا إعطاء الإنسولين فقط و تزويد الطفل بجهاز فحص السكر؛ لأن علاج أطفال النوع الأول من السكري هو دائماً بالإنسولين، وجهاز فحص السكر. ولكن الاختلاف بين طفل وآخر في السيطرة على السكري هي الثقافة السكرية وكيفية التعامل مع نتائج الفحوصات اليومية، فما فائدة فحص السكر إذا لم يتعلم الطفل كيفية التعليق الصحيح على هذه النتائج وقرر أن يحسنها ويتلافى أخطاءه في الأيام القادمة بمساعدة طبيبه ومثقفه. هنا يصبح الأهل ملمين بهذه النتائج بشكل كامل ، وتكون عندهم ثقة بما يفعلون مع طفلهم. وهذه الثقة تنتقل إلى الطفل بطريقة مباشرة وغير مباشرة. وهنا يتميز هذا الطفل المثقف سكرياً وأهله عن بقية الأطفال السكريين بتأقلم جيد والتصرف الحسن، مما يؤدي إلى ضغوطات نفسية . ويكون هذا الطفل أكثر قدرة على حل مشكلاته سواء الشخصية أو المتعلقه بمرضه وتتحسن صورته عن ذاته. وهنا يحصل توازن في جميع نواحي شخصيته ويكون الطفل بإذن الله متأقلماً جيداً مع مرضه . أما إذا حدث العكس فسيكون هناك ضعف في السيطرة وتصرفات عشوائية ليست مقترنة بقرار سليم عن السكري وينتج تأقلم أقل، ونتائج سلبية سنتعرف لها في مقال آخر إن شاء الله.فالاستثمار الصحيح يتأتى عن طريق إعطاء وقت كاف للطفل وأهله في تفسير ماهية مرض السكري وكيفية التعامل معه وتأثيره آنياً ومستقبلاً على حياة طفلهم وعمل فحوصات متكررة، وكيفية التعليق على هذه الفحوصات المنزلية . وإذا كان وقت الطبيب لا يسمح بذلك في بعض الأحيان فيفضل أن يحول إلى عيادة التثقيف السكري حيث يفترض من مثقف السكري أن يجلس مع المريض جلسات عدة و يوضح له الأمور التي يجب ان يتعامل معها مبتدئاً بالأمور الأكثر خطورة فالأقل. والآن ما دور المدرسة في هذا كله ؟!. فإذا كان البيت يعي تماماً ما يحصل لطفله وكان هناك تقصير من المدرسة فان دائرة العناية قد اختل توازنها، مما يؤدي إلى مضاعفات وعدم تفهم لأساتذته ومعلميه عن طبيعة هذا المرض الذي يقتضي أحياناً خروج الطالب مرات متكررة إلى دورة المياه، أو تناول بعض السكريات وغيرها من أمور كثيرة... وهنا يبرز واجب الأهل في إخبار المدرسة بأن طفلهم مصاب بالسكري. وقد واجهت هذا الأمر مرات عدة عند الجلوس مع هؤلاء الأطفال السكريين وذويهم ؛ فتارة يرفض الأهل أن تعرف المدرسة أن ابنهم مصاب بالسكري سواء كان ذكراً أًم انثى لاعتبارات كثيرة. وتارة نجد أهلاً متفتحي الذهن والبصيرة لا مانع عندهم من إخبار المدرسة ، لقناعتهم التامة بأن طفلهم معرض لأي طارىء ؛ فعند حدوث غيبوبة هبوط السكر- على سبيل المثال- فإن إعطاء بخة من السكر السريع الامتصاص تحت اللسان أو إعطاء إبرة ترفع السكر بدلاً من أن تتخبط المدرسة في كيفية إجراء الإسعافات الأولية، يمكن أن تنقذ حياته طفلهم و تقيهم مضاعفات لا حصر لها. وأنا لا ألوم المدرسة إذا قرر المدرس أن يسيطر على الحصة و يمنع أحد الأطفال الذي تكرر ذهابه إلى دورة المياه أو تناول بعض السكريات مخلاً بنظام الحصة المدرسية دون أن يعرف الأستاذ أن الطفل مصاب بالسكري.إذن يرتكز جوهر عملنا في التثقيف السكري على إيجاد توازن بين تثقيف الطفل و أهله ومدرسته فنعمل معا كفريق لايجاد بيئة مناسبة تفي بمتطلبات هذا الطفل وحاجاته، والذي لا يختلف في قدراته وإبداعه عن أي طفل آخر. يجدر التأكيد على أهمية دورنا كمثقفي سكري في هذا الوقت بالذات، والذي يكثر فيه حدوث السمنة والسكري في سنوات الطفولة واليفع ، متزامناً مع وفرة المنتجات المختلفة كالشيبس والبيتزا والعصائر والبيرغر والتي تباع في بعض المدارس.

No comments:

Post a Comment