Saturday, June 19, 2010

الكاتبة البريطانية والراهبة المسيحية السابقة د. كارين أرمسترونج: الإسلام دين رحمة وسلام

الباحثة الإنجليزية الدكتورة كارين أرمسترونج الراهبة المسيحية السابقة كتبت كثيراً عن الإسلام وتعمقت في المقارنة بين الأديان وقد وجدت بعض كتبها المترجمة إلى العربية صدى كبيراً بين المسلمين لأنهم وجدوا في كلماتها صوتاً مختلفاً عن الذي تعودوه من الغرب. بدأت حياتها راهبة كاثوليكية، لكنها خرجت من الرهبنة بعد تجربة سبع سنوات إلى فضاء الأديان بانفتاح على الآخر. “الخليج” التقت أرمسترونج خلال زيارتها الأخيرة للقاهرة وتحدثت معها حول رؤيتها للوضع الحالي الذي يعيشه المسلمون. تحدثت بصراحة متناهية واعترفت بشعورها بالعار بسبب الصمت الأوروبي حيال ما يتعرض له الإسلام والمسلمون من تشويه.


ونصحت الدكتورة كارين أرمسترونج الحكومات الأوروبية وأمريكا، بالبدء فوراً في حوار جاد مع المسلمين من أجل فهم الإسلام الحقيقي بعيداً عما يقدمه الإعلام الغربي من صور مشوهة لذلك الدين العظيم، كما ألقت بالمسؤولية على المسلمين في ضرورة تعريف الغرب بعظمة الدين الإسلامي عن طريق الفعل وليس القول فحسب. والتفاصيل في السطور التالية:




القرآن الكريم كتاب التراحم ويجب نشر تعاليمه بين الناس


في البداية نود أن نلقي الضوء على سيرتك الذاتية، وكيف بدأت الاهتمام ودراسة الإسلام؟


اسمي كارين أرمسترونج ولدت في 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 1944 في إنجلترا لأسرة من أصول ايرلندية، والتحقت بجمعية “يسوع الطفل المقدس” للعمل كراهبة 1962 1969 ضمن نظام تعليمي وعملت كراهبة مبتدئة إلى أن تم إرسالي إلى كلية “سانت آن” في جامعة “أكسفورد” حيث درست الأدب الإنجليزي ثم قررت ترك الدير بعد سبع سنوات من الرهبنة وفي عام 1984 بدأت في العمل على تنفيذ سلسلة من الأفلام التسجيلية عن حياة وأعمال القديس سان باولو وقد دفعتني هذه الأفلام إلى البحث من جديد في شؤون الأديان السماوية وهكذا اطلعت بكثافة على الإسلام والمسيحية واليهودية، وهو أمر بدأته خلال السنوات السبع التي قضيتها في الرهبانية ولم يقف أثر تجربة الفيلم التسجيلي عند هذا الحد إذ إن هذا التكليف استلزم سفري إلى القدس عدة مرات وهناك بدأت في الملاحظة وطرح الأسئلة على من أعمل في أوساطهم وكنت في القدس حين سمعت “الإسرائيليين” يشيرون إلى العرب والدين الإسلامي بأكثر التعبيرات ازدراء، لم أصدق وأنا التي نشأت أستنكر فظائع الهولوكوست كيف لأناس عانوا الكثير من الاضطهاد أن يتورطوا في مثل هذا النوع من العنصرية وهكذا قررت أن أقرأ في الديانات السماوية من جديد وتعجبت عندما تمعنت في الإسلام حيث وجدته ديناً يستحق الدراسة والتأمل ويختلف تمام الاختلاف عن الإسلام الذي تقدمه لنا وسائل الإعلام الغربية.



اختلاف جذري


وكيف وجدت الإسلام بعد دراستك الأديان السماوية؟


لقد وجدت إسلاماً يختلف جذرياً عن الإسلام الذي يروج له الإعلام الغربي وكثير من التيارات اليمينية المحافظة في الغرب، فالإسلام مثلاً لم يدع إلى معاداة أي من الأديان السماوية التي سبقته ولم يدع إلى رفضها بل إن الإسلام لم يدع إلى كراهية اليهود بشكل مطلق على العكس فالقرآن يدعو المسلمين إلى الإيمان بالأديان السماوية التي سبقته وحسن التعامل مع أهل الكتاب على عكس المفهوم السائد لدينا بأنه دين عدائي ولا يقبل غير المسلمين.


كذلك وجدت النبي محمد صلى الله عليه وسلم شخصية مثالية ولديه دروس مهمة ليست فقط للمسلمين، وإنما للعالم كله، حياته كانت جهادا ليس بمعنى الحرب بل بمعنى النضال، قدم مجهوداً فريداً لكي يحقق السلام للعرب الممزقين، لذا نريد اليوم أناسا مستعدين للاقتداء بذلك، إن حياته كانت حملة ضد الظلم والتغطرس، قام بجهد إبداعي لتطوير تدريجي ووضع حلولاً مثالية المشكلات التي كان يعاني منها ذلك المجتمع وهو ما دعاني للبدء في الكتابة عن الإسلام لإنصاف القرآن والرسول الذين ظلموا طويلا في الإعلام الغربي.



سوء فهم


وما رأيك في الإساءات المتتالية التي يتعرض لها الإسلام في الغرب؟


للأسف الشديد فإن الإساءات بالفعل تتكرر ولكن لابد أن يدرك المسلمون أن المسيئين للإسلام قلة قليلة ولكن المشكلة تتمثل في ان غالبية المجتمع الأوروبي والأمريكي لا تفهم مبادئ الإسلام ولا تدرك سماحته، ولا تعرف أنه دين رحمة وسلام مما أفسح المجال للمتطرفين في الغرب لبث أفكارهم وزرع الكراهية للإسلام بين الجماهير هناك، في الوقت الذي لم يعرف المسلمون حتى الآن كيف يواجهون المجتمع الأوروبي بالحوار لتعريفه بطبيعة هذا الدين وما يحمله من مبادئ نبيلة وقيم سامية لاسيما أن أغلب هذه الشعوب لا تعتبر الأديان فوق النقد من فرط تقديرها لحرية التعبير، ويكفي أن نعرف أن نسبة كبيرة من الشباب في الدول الأوروبية ليست لديهم فكرة عن الأديان، ولذلك انتابهم الشعور بالذهول عندما وجدوا المسلمين يشعرون بالأذى من التعليقات والرسوم المسيئة.


ولابد أن نعترف أيضاً بأن هذه النظرة الأوروبية للعرب والمسلمين تدل على ضيق الأفق وعدم الرغبة في الاعتراف بفضل المسلمين عليهم وعلى العالم الذي نعيش فيه، وهم أصحاب حضارة لا تقل في مكانتها عن الحضارة الغربية، ويكفي أن نعرف أن كلمة الإسلام نفسها جاءت من كلمة سلام.


قلت إن المسلمين أهملوا في تقديم صورة الإسلام السمحة فكيف في رأيك نقدم هذه الصورة بشكل أفضل؟


دعنا نعترف بأن كل الشواهد تؤكد أن المسلمين تقاعسوا طويلا عن تعريف العالم برسالة محمد صلى الله عليه وسلم الذي بعثه الله بشيرا ورحمة للعالمين، وانكمشوا داخل حدودهم، واكتفوا بأداء العبادات، ثم مضوا يلطمون الخدود على جهالات الغرب وأخطائه في حق دينهم، وراحوا يجأرون بالصراخ والعويل والشتائم حين وجدوا من يسخر من كتابهم ورسولهم، ولم يستفيدوا من الكتاب المنصفين في الغرب والذين أشادوا بهذا الدين وبرسوله الكريم ونسوا أن أجدادهم بنوا حضارة عظيمة عندما حرصوا على التعلم وعلى الاستفادة مما تعلموه، ولكن مسلمي اليوم يكتفون باستيراد كل معارفهم ومداركهم من الغرب ولهذا فإن الغرب وصل إلى اعتقاد بأن المسلمين عالة على الإنسانية ولذلك فإن العالم الإسلامي إذا كان يريد الدفاع فعلاً عن معتقده فعلى المسلمين أن يسارعوا إلى المساهمة في الركب الحضاري ولا يكتفون بموقف المتفرج خاصة ونحن نعيش في زمن لا يعرف إلا لغة المصالح فإذا نهض المسلمون وتفوقوا علميا، فثق بأن الغرب سيشعر بأنهم أنداد له ولن يغامر بالإساءة الى مسلم واحد.


ألا ترين أن الغرب لابد أن يلعب دورا أيضا في مسيرة التقارب مع العالم الإسلام؟


بالطبع أرى أنه على الغرب أن يحذف من مناهجه كل ما يسيء للإسلام ولابد أن يتأكد أن القرآن الكريم منح المسلمين مهمة تاريخية تتمثل في إيجاد مجتمع عادل يحظى كل أفراده بنفس القدر من القيمة والاحترام وخبرة تأسيس مثل هذا المجتمع والعيش فيه منحت المسلمين جوهر الحياة الدينية الذي يعني أن شؤون الدولة لا تنفصل عن الشؤون الروحية عند المسلمين، وكذلك القرآن يحرم العدوان، ولا يسمح بالحروب إلا دفاعاً عن النفس ويؤكد أن القيم الإسلامية الحقيقية هي السلام والمصالحة والعفو، وكلمة “الجهاد” لا تعني الحرب المقدسة كما يعتقد البعض في الغرب وإنما الكفاح والجهد، كذلك فإن المسلمين مطالبون ببذل محاولات واسعة على جميع الجبهات الاقتصادية والاجتماعية والفكرية والعرقية والروحية، أما الجهاد فقيمة روحية لأغلب المسلمين لا ترتبط بالعنف والإسلام ليس دين سيف كما قيل لنا ونحن صغار لذلك فنحن أيضاً في حاجة إلى إصلاح المناهج وليس المسلمين فقط.



الموقف من المرأة


يتحدثون في الغرب كثيراً عن موقف الإسلام من المرأة، ويصفونه بالتعنت فما رأيك؟


هذا كلام غير صحيح بالمرة فالإسلام قدم للمرأة حقوقاً لم تمكن تعرفها من قبل حتى في ظل وجود ديانتين سماويتين سابقتين وهنا أكتفي بذكر قصة حدثت في صلح الحديبية حيث كان المسلمون مستفزين بشدة بسبب طريقة المفاوضات التي استخدمها سهيل بن عمرو مع الرسول صلى الله عليه وسلم ابتداء من رفض “البسملة” ورفض أن يكتب الرسول محمد صفته كرسول من عند الله وإنما كتب اسمه مجرداً ثم رفض دخول المسلمين الكعبة في عامهم الذي أتوا فيه وتأجيل ذلك إلى عام مقبل. بالإضافة إلى الشرط المجحف، والذي يعبر عن عدم المساواة في الالتزامات وهو الخاص برد محمد صلى الله عليه وسلم من يأتيه من غير إذن وليه، وعدم التزام قريش بالرد بالمثل ويجيء ابن سهيل بن عمرو نفسه أثناء توقيع العهد يرسف في أغلاله وينادي المسلمين بأن يخلصوه من الأغلال ويأخذوه معهم والرسول صلى الله عليه وسلم يواسيه ويرده إلى أبيه لأنه وقع مع القوم صلحاً.


ولم تتحمل أعصاب المسلمين كل هذا، على النقيض من الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أمرهم في هذه اللحظات بأن يحلوا إحرامهم وأن يذبحوا الهدي إيذاناً بالعودة من دون تأدية العمرة ويدخل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى زوجته أم سلمة في خيمتها حزيناً ويقول “هلك الناس، هلك الناس” يعصون أمر نبيهم وتشير عليه أم سلمة بأن يحل الإحرام وأن يذبح من دون أن يناقش أحداً أو يلتفت إلى قول أحد ويفعل الرسول صلى الله عليه وسلم وينقذ الأمة من فتنة محققة أخذاً بمشورة أم المؤمنين أم سلمة. إذاً كان للمرأة دور سياسي بارز في حياة المسلمين، ولم تكن أبداً كماً مهملاً كما يزعم الغرب وكانت تشارك في السياسة وفي التجارة بل في الحرب وفي كافة شؤون الحياة ولكن غلب عليها العمل في المنزل. في تربية الأبناء وهي مهمة صعبة، وكانت المرأة تاجرة كما كانت تفعل السيدة خديجة أم المؤمنين قبل الإسلام وبعده.


لكن ما رؤيتك للأديان السماوية الثلاثة؟


اليهود يجدون دائماً صعوبة في تقبل الديانات اللاحقة سواء المسيحية أو الإسلام، والمسيحيون لا يتمتعون بعلاقات تتسم بالسهولة مع أصحاب الديانتين اليهودية والإسلامية، على عكس الإسلام الذي يتضمن كتابه “القرآن الكريم” رؤية ايجابية لليهودية والمسيحية، ودائما يؤكد أن النبي محمدًا لم يأت لإلغاء الديانتين السابقتين، بل يقول إن الإنسان لا يكون مسلما إذا لم يؤمن بجميع الأنبياء.


وشدني في القرآن الكريم حثه على التراحم حتى إنني أفضل دائماً أن أصفه بأنه كتاب التراحم والحقيقة أن المسلمين هم أكثر الشعوب الذين تنتشر بينهم تلك الصفة الجميلة.


وأنا تعرضت لمضايقات من اللوبي اليهودي وخاصة المنظمات اليهودية المتطرفة بسبب انتقاداتي ل “إسرائيل” ولكنني أرد دائماً بأن هناك فارقاً بين أن تتحدث عن اليهودية وبين أن تتحدث عن الكيان “الإسرائيلي” المحتل الغاصب لأرض ومقدسات غيره وأنا أعمل دوما على عرض تلك الرؤية على مائدة كافة المؤتمرات والمنتديات التي أشارك فيها حتى يعلم العالم أن المقاومة الفلسطينية لها ما يبررها.

http://www.alkhaleej.ae/portal/353fa...a651d9b6a.aspx

عبدالله يرث وعبدالله لا يرث وعبدالله يرث

قصة رائعة جداً فمن هو الذي لا يرث؟



يحكى أنه كانت هناك قبيلة تعرف باسم

قبيلة بني عرافةوسميت بذلك نسبة إلى إن أفراد هذه القبيلة يتميزون بالمعرفة والعلم والذكاء الحاد .

وبرز من هذه القبيلة رجل كبير حكيم يشع من وجهه العلم والنور وكان لدى هذا الشيخ ثلاثة أبناء سماهم جميعا بنفس الاسم ألا وهو : عبدالله وذلك لحكمة لا يعرفها سوى الله .



ومرت الأيام وجاء أجل هذا الشيخ وتوفي


وكان هذا الشيخ قد كتب وصية لأبنائه يقول فيها :


( عبدالله يرث ، وعبدالله لا يرث ، وعبدالله يرث )
وبعد أن قرأ الأخوة وصية والدهم وقعوا في حيرة من أمرهم أنهم لم يعرفوا من هو الذي لا يرث منهم وبعد المشورة والسؤال قيل لهم أن يذهبوا إلى قاض عرف عنه الذكاء والحكمة ، وكان هذا القاضي يعيش في قرية بعيده ، فقرروا أن يذهبوا إليه؛



وفي طريقهم إليه وجدوا رجلا يبحث عن شيء مافقال لهم الرجل : هل رأيتم جملا ؟؟
- فقال عبدالله الأول : هل هو أعور ؟ فقال الرجل : نعم

- فقال عبدالله الثاني : هل هو أقطب الذيل ؟ فقال الرجل : نعم
- فقال عبدالله الثالث : هل هو أعرج ؟ فقال الرجل : نعم
فظن الرجل صاحب الجمل أنهم رأوه
لأنهم وصفوا الجمل وصفا دقيقا
ففرح وقال : هل رأيتموه ؟
فقالوا لا ، لم نره ، فتفاجأ الرجل
كيف لم يروه وقد وصفوه له ؟
فقال لهم الرجل : أنتم سرقتموه
وإلا كيف عرفتم أوصافه
فقالوا : لا ، والله لم نسرقه
فقال الرجل : سأشتكيكم للقاضي
فقالوا نحن ذاهبون إليه ، فتعال معنا
فذهبوا جميعا للقاضي
وعندما وصلوا إلى القاضي وشرح كل منهم قضيته
قال لهم : إذهبوا الآن وارتاحوا
فأنتم تعبون من السفر الطويل

وأمر القاضي خادمه أن يقدم لهم وليمة غداء
وأمر خادم آخر أن يراقبهم أثناء تناولهم الغداء
وفي أثناء الغداء حصل التالي
قال عبدالله الأول : إن المرأة التي أعدت الغداء حامل
وقال عبدالله الثاني : إن هذا اللحم الذي نتناوله
لحم كلب وليس لحم ماعز
وقال عبدالله الثالث: إن القاضي إبن زنا
وكان الخادم الذي كلف بالمراقبة
قد سمع كل شئ من العبادلة الثلاثة
وفي اليوم الثاني سأل القاضي الخادم عن الذي حدث
أثناء مراقبته للعبادلة وصاحب الجمل

فقال الخادم : إن أحدهم قال أن المرأة التى أعدت الغداء لهم حامل
فذهب القاضي لتلك المرأة وسألها ما إذا كانت حامل أم لا
وبعد إنكار طويل من المرأة وإصرار من القاضي
إعترفت المرأه أنها حامل
فتفاجأ القاضي كيف عرف أنها حامل وهو لم يرها أبدا
ثم رجع القاضي إلى الخادم وقال : ماذا قال الآخر؟
فقال الخادم : الثاني قال أن اللحم الذي أكلوه على الغداء
كان لحم كلب وليس لحم ماعز
فذهب القاضي إلى الرجل الذي كلف بالذبح
فقال له : ما الذي ذبحته بالأمس ؟
فقال الذابح : أنه ذبح ماعز
ولكن القاضي عرف أن الجزار كان يكذب
فأصر عليه أن يقول الحقيقة
إلى أن إعترف الجزار بأنه ذبح كلب
لأنه لم يجد ما يذبحه من أغنام أو ما شابه
فاستغرب القاضي كيف عرف العبادله
أن اللحم الذي أكلوه كان لحم كلب
وهم لم يروا الذبيحة إلا على الغداء

وبعد ذلك رجع القاضي إلى الخادم
وفي رأسه تدور عدة تساؤلات
فسأله إن كان العبادلة قد قالوا شيء ؟
فقال الخادم :لا لم يقولوا شيء
فشك القاضي بالخادم لأنه رأى على الخادم علامات الإرتباك
وقد بدت واضحة المعالم على وجه الخادم
فأصر القاضي على الخادم أن يقول الحقيقة
وبعد عناد طويل من قبل الخادم
قال الخادم للقاضي
أن عبدالله الثالث قال أنك إبن زنا

فانهار القاضي
وبعد تفكير طويل قرر أن يذهب إلى أمه ليسألها
عن والده الحقيقي
في بداية الأمر تفاجأت الأم من سؤال إبنها وأجابته
وهي تخفي الحقيقة وقالت
أنت إبني ، أبوك وهو الذي تحمل إسمه الآن
إلا أن القاضي كان شديد الذكاء فشك في قول أمه
وكرر لها السؤال ، إلا أن الأم لم تغير إجابتها
وبعد بكاء طويل من الطرفين وإصرار أكبر من القاضي
في سبيل معرفة الحقيقة
خضعت الأم لرغبات إبنها وقالت له :
أنه إبن رجل آخر كان قد زنا بها

فأصيب القاضي بصدمة عنيفة ، كيف يكون إبن زنا ؟
وكيف لم يعرف بذلك من قبل

والسؤال الأصعب ، كيف عرف العبادلة بذلك ؟
وبعد ذلك جمع القاضي العبادلة الثلاثة وصاحب الجمل
لينظر في قضية الجمل وفي قضية الوصية
فسأل القاضي عبدالله الأول : كيف عرفت أن الجمل أعور؟
فقال : لأن الجمل الأعور غالبا يأكل من جانب العين
التي يرى بها ولا يأكل الأكل الذي وضع له في الجانب







قال لهم : إذهبوا الآن وارتاحوا
فأنتم تعبون من السفر الطويل

وأمر القاضي خادمه أن يقدم لهم وليمة غداء
وأمر خادم آخر أن يراقبهم أثناء تناولهم الغداء
وفي أثناء الغداء حصل التالي
قال عبدالله الأول : إن المرأة التي أعدت الغداء حامل
وقال عبدالله الثاني : إن هذا اللحم الذي نتناوله
لحم كلب وليس لحم ماعز
وقال عبدالله الثالث: إن القاضي إبن زنا

وكان الخادم الذي كلف بالمراقبة
قد سمع كل شئ من العبادلة الثلاثة

وفي اليوم الثاني سأل القاضي الخادم عن الذي حدث
أثناء مراقبته للعبادلة وصاحب الجمل
فقال الخادم : إن أحدهم قال أن المرأة التى أعدت الغداء لهم حامل
فذهب القاضي لتلك المرأة وسألها ما إذا كانت حامل أم لا
وبعد إنكار طويل من المرأة وإصرار من القاضي
إعترفت المرأه أنها حامل
فتفاجأ القاضي كيف عرف أنها حامل وهو لم يرها أبدا
ثم رجع القاضي إلى الخادم وقال : ماذا قال الآخر؟
فقال الخادم : الثاني قال أن اللحم الذي أكلوه على الغداء
كان لحم كلب وليس لحم ماعز
فذهب القاضي إلى الرجل الذي كلف بالذبح
فقال له : ما الذي ذبحته بالأمس ؟
فقال الذابح : أنه ذبح ماعز
ولكن القاضي عرف أن الجزار كان يكذب
فأصر عليه أن يقول الحقيقة
إلى أن إعترف الجزار بأنه ذبح كلب
لأنه لم يجد ما يذبحه من أغنام أو ما شابه
فاستغرب القاضي كيف عرف العبادله
أن اللحم الذي أكلوه كان لحم كلب
وهم لم يروا الذبيحة إلا على الغداء
وبعد ذلك رجع القاضي إلى الخادم
وفي رأسه تدور عدة تساؤلات
فسأله إن كان العبادلة قد قالوا شيء ؟
فقال الخادم :لا لم يقولوا شيء
فشك القاضي بالخادم لأنه رأى على الخادم علامات الإرتباك
وقد بدت واضحة المعالم على وجه الخادم
فأصر القاضي على الخادم أن يقول الحقيقة
وبعد عناد طويل من قبل الخادم
قال الخادم للقاضي
أن عبدالله الثالث قال أنك إبن زنا
فانهار القاضي
وبعد تفكير طويل قرر أن يذهب إلى أمه ليسألها
عن والده الحقيقي
في بداية الأمر تفاجأت الأم من سؤال إبنها وأجابته
وهي تخفي الحقيقة وقالت
أنت إبني ، أبوك وهو الذي تحمل إسمه الآن
إلا أن القاضي كان شديد الذكاء فشك في قول أمه
وكرر لها السؤال ، إلا أن الأم لم تغير إجابتها
وبعد بكاء طويل من الطرفين وإصرار أكبر من القاضي
في سبيل معرفة الحقيقة
خضعت الأم لرغبات إبنها وقالت له :
أنه إبن رجل آخر كان قد زنا بها
فأصيب القاضي بصدمة عنيفة ، كيف يكون إبن زنا ؟
وكيف لم يعرف بذلك من قبل
والسؤال الأصعب ، كيف عرف العبادلة بذلك ؟
وبعد ذلك جمع القاضي العبادلة الثلاثة وصاحب الجمل
لينظر في قضية الجمل وفي قضية الوصية
فسأل القاضي عبدالله الأول : كيف عرفت أن الجمل أعور؟
فقال : لأن الجمل الأعور غالبا يأكل من جانب العين
التي يرى بها ولا يأكل الأكل الذي وضع له في الجانب
الذي لا يراه وأنا قد رأيت في المكان الذي ضاع فيه الجمل
آثار مكان أكل الجمل واستنتجت أن الجمل كان أعور .
وبعد ذلك سأل القاضي عبدالله الثاني قائلا :
كيف عرفت أن الجمل كان أقطب الذيل ؟
فقال عبدالله الثاني :
أن من عادة الجمل السليم أن يحرك ذيله يمينا وشمالا
أثناء إخراجه لفضلاته وينتج من ذلك أن البعر
يكون مفتتا في الأرض
إلا أني لم أر ذلك في المكان الذي ضاع فيه الجمل
بل على العكس ، رأيت البعر من غير أن ينثر فأستنتجت
أن الجمل كان أقطب الذيل
وأخيرا سأل القاضي عبدالله الأخير قائلا :
كيف عرفت أن الجمل كان أعرج
فقال عبدالله الثالث :
رأيت ذلك من آثار خف الجمل على الأرض
فاستنتجت أن الجمل كان أعرج
وبعد أن إستمع القاضي للعبادلة إقتنع بما قالوه
وقال لصاحب الجمل أن ينصرف
بعد ما عرف حقيقة الأمر
وبعد رحيل صاحب الجمل قال القاضي للعبادله :
كيف عرفتم أن المرأة التي أعدت لكم الطعام
كانت حاملا ؟
فقال عبدالله الأول :
لأن الخبز الذي قدم على الغداء كان سميكا من جانب
ورفيعا من الجانب الآخر
وذلك لا يحدث إلا إذا كان هناك ما يعيق المرأة
من الوصول إليه كالبطن الكبير نتيجة للحمل




ومن خلال ذلك ، عرفت أن المرأة كانت حاملا
وبعد ذلك سأل القاضي عبدالله الثاني قائلا :
كيف عرفت أن اللحم الذي أكلتموه كان لحم كلب؟
فقال عبدالله الثاني :
أن لحم الغنم والماعز والجمل والبقر
جميعها تكون حسب الترتيب التالي :
) شحم ..ثم لحم ...ثم عظم(
أما الكلب فيكون حسب الترتيب التالي :
( لحم ..ثم شحم.. ثم عظم )
لذلك عرفت أنه لحم كلب
ثم جاء دور عبدالله الثالث
وكان القاضي ينتظر هذه اللحظه ، فقال القاضي :
كيف عرفت أني إبن زنا ؟
فقال عبدالله الثالث :
لانك أرسلت شخصا يتجسس علينا
وفي العادة تكون هذه الصفة
في الأشخاص الذين ولدوا بالزنا
فقال القاضي :
)لا يعرف إبن الزنا إلا إبن الزنا (
وبعدها ردد قائلا :
أنت هو الشخص الذي لا يرث من بين أخوتك لأنك
ابن زنا

هذه القصة ابكتني وأثرت بنفسي اتمنى أنتقرؤوها بتمعن

أقرؤوها وتمعنوا فيها... أثابكم الله وقد ذكرها الشيخ خالد الراشد كثيرا... ويُقال انها قصته الشخصية:

لم أكن جاوزت الثلاثين حين أنجبت زوجتي أوّل أبنائي.. ما زلت أذكر تلك الليلة .. بقيت إلى آخر الليل مع الشّلة في إحدى الاستراحات.. كانت سهرة مليئة بالكلام الفارغ.. بل بالغيبة والتعليقات المحرمة... كنت أنا الذي أتولى في الغالب إضحاكهم.. وغيبة الناس.. وهم يضحكون.



أذكر ليلتها أنّي أضحكتهم كثيراً.. كنت أمتلك موهبة عجيبة في التقليد.. بإمكاني تغيير نبرة صوتي حتى تصبح قريبة من الشخص الذي أسخر منه.. أجل كنت أسخر من هذا وذاك.. لم يسلم أحد منّي أحد حتى أصحابي.. صار بعض الناس يتجنّبني كي يسلم من لساني.



أذكر أني تلك الليلة سخرت من أعمى رأيته يتسوّل في السّوق... والأدهى أنّي وضعت قدمي أمامه فتعثّر وسقط يتلفت برأسه لا يدري ما يقول.. وانطلقت ضحكتي تدوي في السّوق..



عدت إلى بيتي متأخراً كالعادة.. وجدت زوجتي في انتظاري.. كانت في حالة يرثى لها.. قالت بصوت متهدج: راشد.. أين كنتَ ؟



قلت ساخراً: في المريخ.. عند أصحابي بالطبع ....



كان الإعياء ظاهراً عليها.. قالت والعبرة تخنقها: راشد… أنا تعبة جداً ..... الظاهر أن موعد ولادتي صار وشيكا ..



سقطت دمعة صامته على خدها.. أحسست أنّي أهملت زوجتي.. كان المفروض أن أهتم بها وأقلّل من سهراتي... خاصة أنّها في شهرها التاسع .



حملتها إلى المستشفى بسرعة.. دخلت غرفة الولادة... جعلت تقاسي الآلام ساعات طوال.. كنت أنتظر ولادتها بفارغ الصبر.. تعسرت ولادتها. فانتظرت طويلاً حتى تعبت.. فذهبت إلى البيت وتركت رقم هاتفي عندهم ليبشروني.



بعد ساعة.. اتصلوا بي ليزفوا لي نبأ قدوم سالم ذهبت إلى المستشفى فوراً.. أول ما رأوني أسأل عن غرفتها.. طلبوا منّي مراجعة الطبيبة التي أشرفت على ولادة زوجتي.



صرختُ بهم: أيُّ طبيبة ؟! المهم أن أرى ابني سالم.



قالوا، أولاً راجع الطبيبة ..



دخلت على الطبيبة.. كلمتني عن المصائب ..... والرضى بالأقدار . ثم قالت: ولدك به تشوه شديد في عينيه ويبدوا أنه فاقد البصر !!



خفضت رأسي.. وأنا أدافع عبراتي.. تذكّرت ذاك المتسوّل الأعمى الذي دفعته في السوق وأضحكت عليه الناس.



سبحان الله كما تدين تدان ! بقيت واجماً قليلاً.. لا أدري ماذا أقول.. ثم تذكرت زوجتي وولدي .. فشكرت الطبيبة على لطفها ومضيت لأرى زوجتي ..



لم تحزن زوجتي.. كانت مؤمنة بقضاء الله.. راضية. طالما نصحتني أن أكف عن الاستهزاء بالناس.. كانت تردد دائماً، لا تغتب الناس ..



خرجنا من المستشفى، وخرج سالم معنا. في الحقيقة، لم أكن أهتم به كثيراً. اعتبرته غير موجود في المنزل. حين يشتد بكاؤه أهرب إلى الصالة لأنام فيها. كانت زوجتي تهتم به كثيراً، وتحبّه كثيراً. أما أنا فلم أكن أكرهه، لكني لم أستطع أن أحبّه !



كبر سالم.. بدأ يحبو.. كانت حبوته غريبة.. قارب عمره السنة فبدأ يحاول المشي.. فاكتشفنا أنّه أعرج. أصبح ثقيلاً على نفسي أكثر. أنجبت زوجتي بعده عمر وخالداً.



مرّت السنوات وكبر سالم، وكبر أخواه. كنت لا أحب الجلوس في البيت. دائماً مع أصحابي. في الحقيقة كنت كاللعبة في أيديهم ..



لم تيأس زوجتي من إصلاحي. كانت تدعو لي دائماً بالهداية. لم تغضب من تصرّفاتي الطائشة، لكنها كانت تحزن كثيراً إذا رأت إهمالي لسالم واهتمامي بباقي إخوته.



كبر سالم وكبُر معه همي. لم أمانع حين طلبت زوجتي تسجيله في أحدى المدارس الخاصة بالمعاقين. لم أكن أحس بمرور السنوات. أيّامي سواء . عمل ونوم وطعام وسهر.



في يوم جمعة، استيقظت الساعة الحادية عشر ظهراً. ما يزال الوقت مبكراً بالنسبة لي. كنت مدعواً إلى وليمة. لبست وتعطّرت وهممت بالخروج. مررت بصالة المنزل فاستوقفني منظر سالم. كان يبكي بحرقة!



إنّها المرّة الأولى التي أنتبه فيها إلى سالم يبكي مذ كان طفلاً. عشر سنوات مضت، لم ألتفت إليه. حاولت أن أتجاهله فلم أحتمل. كنت أسمع صوته ينادي أمه وأنا في الغرفة. التفت .... ثم اقتربت منه. قلت: سالم! لماذا تبكي؟!



حين سمع صوتي توقّف عن البكاء. فلما شعر بقربي، بدأ يتحسّس ما حوله بيديه الصغيرتين. ما بِه يا ترى؟! اكتشفت أنه يحاول الابتعاد عني!! وكأنه يقول: الآن أحسست بي. أين أنت منذ عشر سنوات ؟! تبعته ... كان قد دخل غرفته. رفض أن يخبرني في البداية سبب بكائه. حاولت التلطف معه .. بدأ سالم يبين سبب بكائه، وأنا أستمع إليه وأنتفض.



أتدري ما السبب!! تأخّر عليه أخوه عمر، الذي اعتاد أن يوصله إلى المسجد. ولأنها صلاة جمعة، خاف ألاّ يجد مكاناً في الصف الأوّل. نادى عمر.. ونادى والدته.. ولكن لا مجيب.. فبكى.



أخذت أنظر إلى الدموع تتسرب من عينيه المكفوفتين. لم أستطع أن أ تحمل بقية كلامه. وضعت يدي على فمه وقلت: لذلك بكيت يا سالم !!..



قال: نعم ..



نسيت أصحابي، ونسيت الوليمة وقلت: سالم لا تحزن. هل تعلم من سيذهب بك اليوم إلى المسجد؟



قال: أكيد عمر ..... لكنه يتأخر دائماً ..



قلت: لا .. بل أنا سأذهب بك ..



دهش سالم .. لم يصدّق. ظنّ أنّي أسخر منه. استعبر ثم بكى. مسحت دموعه بيدي وأمسكت يده. أردت أن أوصله بالسيّارة. رفض قائلاً: المسجد قريب... أريد أن أخطو إلى المسجد - إي والله قال لي ذلك.



لا أذكر متى كانت آخر مرّة دخلت فيها المسجد، لكنها المرّة الأولى التي أشعر فيها بالخوف والنّدم على ما فرّطته طوال السنوات الماضية. كان المسجد مليئاً بالمصلّين، إلاّ أنّي وجدت لسالم مكاناً في الصف الأوّل. استمعنا لخطبة الجمعة معاً وصلى بجانبي... بل في الحقيقة أنا صليت بجانبه ..



بعد انتهاء الصلاة طلب منّي سالم مصحفاً. استغربت!! كيف سيقرأ وهو أعمى؟ كدت أن أتجاهل طلبه، لكني جاملته خوفاً من جرح مشاعره. ناولته المصحف ... طلب منّي أن أفتح المصحف على سورة الكهف. أخذت أقلب الصفحات تارة وأنظر في الفهرس تارة .. حتى وجدتها.



أخذ مني المصحف ثم وضعه أمامه وبدأ في قراءة السورة .... وعيناه مغمضتان ... يا الله !! إنّه يحفظ سورة الكهف كاملة!!



خجلت من نفسي. أمسكت مصحفاً ... أحسست برعشة في أوصالي... قرأت وقرأت... دعوت الله أن يغفر لي ويهديني. لم أستطع الاحتمال ..... فبدأت أبكي كالأطفال. كان بعض الناس لا يزال في المسجد يصلي السنة ... خجلت منهم فحاولت أن أكتم بكائي. تحول البكاء إلى نشيج وشهيق ...



لم أشعر إلا ّ بيد صغيرة تتلمس وجهي ثم تمسح عنّي دموعي. إنه سالم !! ضممته إلى صدري... نظرت إليه. قلت في نفسي... لست أنت الأعمى بل أنا الأعمى، حين انسقت وراء فساق يجرونني إلى النار.



عدنا إلى المنزل. كانت زوجتي قلقة كثيراً على سالم، لكن قلقها تحوّل إلى دموع حين علمت أنّي صلّيت الجمعة مع سالم ..



من ذلك اليوم لم تفتني صلاة جماعة في المسجد. هجرت رفقاء السوء .. وأصبحت لي رفقة خيّرة عرفتها في المسجد. ذقت طعم الإيمان معهم. عرفت منهم أشياء ألهتني عنها الدنيا. لم أفوّت حلقة ذكر أو صلاة الوتر. ختمت القرآن عدّة مرّات في شهر. رطّبت لساني بالذكر لعلّ الله يغفر لي غيبتي وسخريتي من النّاس. أحسست أنّي أكثر قرباً من أسرتي. اختفت نظرات الخوف والشفقة التي كانت تطل من عيون زوجتي. الابتسامة ما عادت تفارق وجه ابني سالم. من يراه يظنّه ملك الدنيا وما فيها. حمدت الله
كثيراً على نعمه.



ذات يوم ... قرر أصحابي الصالحون أن يتوجّهوا إلى أحدى المناطق البعيدة للدعوة. تردّدت في الذهاب. استخرت الله واستشرت زوجتي. توقعت أنها سترفض... لكن حدث العكس !



فرحت كثيراً، بل شجّعتني. فلقد كانت تراني في السابق أسافر دون استشارتها فسقاً وفجوراً.



توجهت إلى سالم. أخبرته أني مسافر فضمني بذراعيه الصغيرين مودعاً...



تغيّبت عن البيت ثلاثة أشهر ونصف، كنت خلال تلك الفترة أتصل كلّما سنحت لي الفرصة بزوجتي وأحدّث أبنائي. اشتقت إليهم كثيراً ..... آآآه كم اشتقت إلى سالم !! تمنّيت سماع صوته... هو الوحيد الذي لم يحدّثني منذ سافرت. إمّا أن يكون في المدرسة أو المسجد ساعة اتصالي بهم.



كلّما حدّثت زوجتي عن شوقي إليه، كانت تضحك فرحاً وبشراً، إلاّ آخر مرّة هاتفتها فيها. لم أسمع ضحكتها المتوقّعة. تغيّر صوتها ..



قلت لها: أبلغي سلامي لسالم، فقالت: إن شاء الله ... وسكتت...



أخيراً عدت إلى المنزل. طرقت الباب. تمنّيت أن يفتح لي سالم، لكن فوجئت بابني خالد الذي لم يتجاوز الرابعة من عمره. حملته بين ذراعي وهو يصرخ: بابا .. بابا .. لا أدري لماذا انقبض صدري حين دخلت البيت.





استعذت بالله من الشيطان الرجيم ..



أقبلت إليّ زوجتي ... كان وجهها متغيراً. كأنها تتصنع الفرح.



تأمّلتها جيداً ثم سألتها: ما بكِ؟



قالت: لا شيء .



فجأة تذكّرت سالماً فقلت .. أين سالم ؟



خفضت رأسها. لم تجب. سقطت دمعات حارة على خديها...



صرخت بها ... سالم! أين سالم .؟



لم أسمع حينها سوى صوت ابني خالد يقول بلغته: بابا ... ثالم لاح الجنّة ... عند الله...



لم تتحمل زوجتي الموقف. أجهشت بالبكاء. كادت أن تسقط على الأرض، فخرجت من الغرفة.



عرفت بعدها أن سالم أصابته حمّى قبل موعد مجيئي بأسبوعين فأخذته زوجتي إلى المستشفى .. فاشتدت عليه الحمى ولم تفارقه ... حين فارقت روحه جسده ..





إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله



إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله



لقد اراد الله سبحانه وتعالى ان يهدي والد سالم على يد سالم قبل موت سالم



فيا الله ما ارحمك



لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم