Tuesday, July 27, 2010

فشل ومراهقة في مواجهة المتقاعدين العسكريين


خبرني - كتب بسام بدارين مراسل صحيفة القدس العربي في عمان : سقطت عمليا النظريات الكلاسيكية في احتواء حركة المعارضة الصاعدة باسم المتقاعدين العسكريين في الاردن التي قطعت خلال اليومين الماضيين شوطا اضافيا بعد لقاءات مع قادة حراك المعلمين على امل توحيد الصفوف تمهيدا لقرار متوقع بمقاطعة الانتخابات كأداة ضغط على الحكومة واجهزتها .
ورغم ان الشخصيات الرسمية تشكك كما لاحظ المحلل السياسي فهد الخيطان بدوافع اي حراك شعبي من اي نوع وتحاول في الوقت نفسه تقزيم واحيانا تشويه طروحات المعلمين والمتقاعدين في المسارات السياسية والاجتماعية الا ان قوة هذه الطروحات تفرض وقائع جديدة في الحياة الاعلامية والسياسية لا يمكن تجاهلها او الادعاء بعدم وجودها .
وليس سرا في السياق ان بعض البيانات السياسية التي صدرت فيما يخص جدل الهوية الوطنية والوضع الديمغرافي في البلاد بدأ يخلق ارباكات اجتماعية واضحة ويخيف قواعد كبيرة من ابناء المجتمع ويقلق الكثير من الفعاليات بحيث يستقبل اركان الحكم والدولة يوميا مذكرات او رسائل عنوانها الخوف من تنامي الطروحات الانقسامية .
القلقون في هذه المساحة يسمعون كلاما مطمئنا من المسؤولين التنفيذيين بعنوان محدودية تأثيرات بعض الطروحات وعدم وجود ما يدعو للقلق لكن في بعض الحيثيات لا ينجح ذلك في طمأنة بعض رجال الاعمال الذين حاولوا اللجوء للقصر الملكي ولا حتى في تحميس قواعد الاصول والمنابت للعملية الانتخابية التي وضع رئيس الوزراء سمير الرفاعي ثقله وراءها .
على الجبهة الموازية تلقى ملاحظات المتقاعدين العسكر تفهما واحيانا تأييدا واضحا حتى من بعض السياسيين خصوصا تلك الادبيات التي تنتقد الفساد وتدعو لاصلاح جهاز الادارة البيروقراطي وتعارض بيع اصول الدولة وممتلكاتها وتطرح خطابا عن اصلاح حقيقي بما في ذلك العودة للاصول الدستورية . مثل هذه الخطابات لا يمكن معارضتها من الناحية الواقعية وحتى الوسط الفلسطيني في الاردن الذي يشعر احيانا بان بعض التعبيرات تستهدفه عمليا لا يعارض الدعوات الاصلاحية من هذا النوع ويتعاطف مع معاناة المعلمين وعمال المياومة ويوافق على اكثر من نصف ادبيات المتقاعدين التي ظهرت في عدة بيانات وتصريحات وتقدير الكاتب الصحافي المخضرم خالد محادين ان بيانات المتقاعدين لو لم تتضمن بعض النصوص التي تقلق الاردنيين من اصل فلسطيني وتوحي بالمس بحقوق المواطنة لرفع الشارع الاردني بمختلف اصوله المتقاعدين وبياناتهم على الاكتاف .
وهذه القراءة يوافق عليها الكاتب البارز عريب الرنتاوي وهو يشير الى ان البيان الاول للمتقاعدين العسكر 'اقلق' نصف الشعب ولم يحظ باجماع النصف الآخر، كما يتضح من مبادرات موازية كتلك التي طرحها الرئيس الاسبق احمد عبيدات بعنوان الميثاق الوطني واختفى معها - نقصد المبادرة .
رغم ذلك تميزت بعض الافكار التي طرحتها اوساط المتقاعدين بشعبية يوافق عليها الجميع، فلا احد في الاردن يقبل بالوطن البديل بكل الاحوال لكن لا احد ينبغي ان يقبل بترك المشروع الصهيوني والتركيز على المساس بحقوق ضحاياه في المنطقة.. يقول عمر القيسي وهو باحث متخصص بقياسات الرأي العام ان بعض العناصر في خطابات المتقاعدين وليس كلها مقلقة جدا خصوصا عدم وجود اي اشارة لمساندة حقوق اللاجىء الفلسطيني في التعبير عن هويته كما يحصل في سورية ولبنان .
القيسي يعتقد ان التركيز الشديد على مسألة 'المحاصصة' مثلا لا يتناسب مع البعد الوطني في الطروحات البارزة الآن ليس فقط لان المحاصصة لا احد يدعو لها في الاردن خصوصا من رموز الوسط الفلسطيني الثقال او المهمين ولكن ايضا لان ادبيات بعض المتقاعدين هنا تأثرت فيما يبدو بأفكار مختلقة ابتدعها بعض المثقفين وشكلت مبررا لترويج بضاعتهم .
وسط كل هذا الجدل ثمة قناعات ترسخت ابرزها فشل احتواء حراك المتقاعدين ومراهقة الاداء الوزاري، فيما يخص حراك المعلمين وعمال المياومة .
والاهم القناعة بأن تيار المتقاعدين الذي اشتبك بالسياسة من اوسع الابواب واضيقها يتحول 'لقوة معارضة ' حقيقية الآن وهي معارضة من طراز مختلف ومفاجىء ولا يمكن المزاودة عليها ومن الصعب تصنيفها واتهامها، الامر الذي سيدفع الوسط الرسمي باتجاه التحالف مع الاسلاميين .
الاخطر انها معارضة لا تلتفت للعبة التقليدية المتمثلة بمعارضة الحكومات القائمة بل تتعدى ذلك بكثير وفقا للفقرة الاولى في النص الشهير للصحافي البريطاني روبرت فيسك بعنوان احتلال الفلسطينيين للاردن .

2010/7/27

No comments:

Post a Comment