Saturday, July 24, 2010

قصة مقتل عثمان رضى الله عنه

الم أحسب الناس أن يقولوا امنا وهم لايفتنون
وقال النبي صلى الله عليه وسلم أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل
وإن الله يبتلي عباده على قدر إيمانهم فمن كان في دينه صلابة كانت أذيته في الله أشد
وقال النبي صلى الله عليه وسلم (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كلَّه له خير, إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ,وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له, وليس ذلك إلا للمؤمن)
لقد نظر الله في قلوب عباده, فوجد الصحابة أبر الناس قلوباً، وأعمق الناس علماً، وأفضل الناس خلقاً, قوم اختارهم الله لصحبة نبيه
خطبتنا هذه الجمعة عن علمٍ من أعلام التاريخ، ومصباحٍ من مصابيح الدجى، وقدوةٍ من عباد الله الصالحين, بحياتهم يزداد الخير، وبموتهم يزداد الشر, وتكثر الفتن والمحن
حديثنا أيها الأخوة المؤمنون عن صاحبيٍ جليلِ القدرِ والمكانةِ , صحابيٍ ابتُلِيَ في الله حقَّ الابتلاء, فصبر واحتسب, صحابيٍ حكمَ المسلمين بالعدل والإحسان.
حديثنا اليوم عن قصةِ مقتلِ عثمان رضي الله عنه.
إنه عثمانُ الخيرِ، إنه عثمانُ الحياء، إنه عثمانُ الصدق والإيمان، إنه عثمانُ البذل والتضحية ؟إنه ثالثُ الخلفاء الراشدين.
كان مقتلُ عثمان رضي الله عنه أعظمَ مصيبةٍ أصيبت بها الأمةُ بعد موتِ نبيِّها ، وإن كان الفاروقُ عمرُ رضي الله عنه قد قُتِلَ وهو أفضلُ من عثمان ,فإن قاتله كان رجلاً واحداً من المجوس لم يركع لله تعالى ركعةً، ولم يَدَّعِ بقتله إصلاحاً، بل إنه قَتَلَ نفسَه بعد فعلته .

وأما قتلةُ عثمان رضي الله عنه فهم جماعةٌ، قد دانوا بالإسلام، وأظهروا العبادةَ والصلاحَ، وزعموا بقتله الخيرَ والاصلاحَ،، وأعلنوا الخروجَ عليه ثم قتلوه، ففتحوا بابَ الفتنِ، ومفارقةِ الجماعة،
سبحان الله كيف أقدموا على هذا الفعلِ الشنيع؟ كيف سولت لهم أنفسُهم ذلك؟ وكيف وسوس الشيطانُ لهم؟
ولكنها الفتن تعمي القلوبَ والأبصارَ، نعوذُ بالله تعالى من الفتنِ ما ظهر منها وما بطنَ.
ولابد لنا أن نتكلم عن فضائله أولاً:
فضائله:
إذا ذُكِرَ عثمانُ ذكر الحياءُ فقد ثبت عنه أنه قال ألا أستحيي من رجلٍ تستحيي منه الملائكةُ .
الملائكة تستحيي منك يا عثمان.
إذا ذكر عثمان ذكر قيام الليل ففي قوله تعالى: أمّن هو قانت اناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة . قال ابن عمر هو عثمان بن عفان،؟
فقد روي عنه أنه قرأ القرآنَ العظيم كله في ركعة واحدة .في إحدى ليالي الشتاء الطويلة.
إذا ذكر عثمان ذكر التصدقُ والنفقةُ.
اعلموا أن المال من الأمور المهمة في نصرة دين الله سبحانه.
سبحان الله في جميع اياتِ القران إذا جُمِعَ بين المالِ والنفسِ قُدِمَ المالُ على النفس كقوله تعالى (وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم) إلا في ايةٍ واحدةٍ (إن الله اشترى أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة) لأهميةِ المالِ في الإسلام.
ففي غزوة تبوك
قال رسول اللَّه‏:‏ ‏‏من جهز جيش العُسرة فله الجنة‏‏, وسميت غزوة العُسرة، من قوله تعالى‏:‏ (‏ لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَة) في ساعة الضيق والشدة,
فتصدقَ عثمانُ ـ رضي اللَّه عنه بمالٍ جهَّزَ فيه نصفَ الجيش فتهلل وجه النبي فرحاًوهو يقول‏:‏ ‏‏(ما ضرَّ عثمان ما فعل بعد اليوم)‏‏‏.‏ قالها الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
لقد أنفقَ عثمانُ رضي اللَّه عنه ـ في ذلك الجيش ,نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها‏.‏
وهو الذي اشترى بئر رومة
وقد قال رسول اللَّه‏:‏ ‏‏(من حفر بئر رومة فله الجنة) فاشترى البئر وجعلها لوجه الله تعالى .قال عثمان فاشتريها من خالص مالي.؟
إذا ذكر عثمان ذكر القران لقد كان عابداً خاشعا, خائفاً من الله, لا يمل من قراءة القرآن،
وهو الذي جمعَ الناسَ على حرف واحد، وكتابة المصحف على العرضة الأخيرة التي درسها النبي مع جبريل عليه السلام في آخر حياته.
وكان سببُ ذلك أن حذيفة بن اليمان أخبره أنه لما كان في بعض الغزوات، رأى الناسَ يختلفون في قراءاتهم ويُجَهِّلُ بعضُهم بعضاً فركب حذيفةُ إلى عثمانَ,
فقال: يا أميرَ المؤمنين أدرك هذه الأمةَ قبل أن تختلف في كتابها اختلافَ اليهود والنصارى، وذَكَرَ له ما شاهد هنالك.
فعند ذلك جمع عثمانُ الصحابةَ وشاورَهم في ذلك، ورأى أن يكتب المصحف على حرف واحد.
وأن يجمع الناسَ في سائر الأقاليم على القراءة به.
فوافقهُ الصحابةُ، فحصل به إجماعُ الصحابةِ, فَأمَرَ زيدَ بن ثابت الأنصاري أن يكتب القرآن، ففعل زيدٌ ما أُمِرَ به وعندما تولى عليٌ الخلافةَ رضي الله عنه أَقَرَّ ما فعل عثمان.
فرضي اللهُ عن عثمان وجمعنا به في جنات النعيم.
أيها الأخوة المؤمنون: لقد جمعَ اللهُ لعثمانَ من الفضائلِ والمكارمِ ما جعله بحق أن يكون ثالثَ الخلفاءِ الراشدين بعد الشيخين أبي بكرٍ وعمرَ رضي الله عنهما، فلقد تزوج بنتَ رسولِ الله رقيةَ رضي الله عنها فلما توفيت, زَوَّجه رسولُ الله أمَّ كلثوم، فتوفيت أيضاً في صحبته فقال رسول الله : ((لو كان عندنا أخرى لزوجناها عثمان))،
وفي بيعةِ الرضوان التي قال الله فيها (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت) كان سببها أن عثمان خرج إلى مكةَ ليمثل المسلمين حتى أتى أبا سفيان وعظماءَ قريشٍ ,فبلَّغهم عن رسول اللَّه ما أَرسَلَهُ به،واحتَبَسَتهُ قريشٌ عندها، فبلغ رسولَ اللَّه والمسلمين أن عثمانَ بن عفان قد قُتِلَ،وهو لم يُقتَل رضي اللَّه عنه بل كان إشاعةً ولهذا حصلت بيعةُ الرضوان، فوضع يده اليمنى على يده اليسرى وقال‏:‏ ‏اللَّهم هذه عن عثمان في حاجتك وحاجة رسولك‏.
يدُ النبي هي التي نابت عن يَدِ عثمان ؟ انظروا إلى هذه الكرامة التي أكرمَ اللهُ بها عثمان رضي اللَّه عنه
ولما صعدَ رسولُ الله الجبلَ:(أي جبل أحد) ومعه أبو بكرٍ وعمرَ وعثمانَ فرجف (أي الجبل) فقال: ((اسكُن أحد فليس عليك إلا نبيٌ وصديقٌ وشهيدان)) [رواه مسلم].
ولقد كان عثمانُ صاحبَ ثروةً عظيمةً ومن كبار التجار ,صاحبَ جاهٍ في قريش وكان رجالُ قريشٍ يأتونه ويألفونه لعلمه، وتجاربه، وحسن مجالسته،
تبشيره بالجنة
وعن أبي موسى الأشعري قال: كنت مع النبي في حائط من حيطان المدينة (أي بساتينها) فجاء رجل فاستفتح (أي استأذن بالدخول) فقال النبي : ((افتح له وبَشِّره بالجنة)) ففتحت له فإذا أبو بكر، فبشرته بما قال النبي فحمد الله، ثم جاء رجل فاستفتح فقال النبي : ((افتح له وبَشِّره بالجنة)) ففتحت له، فإذا هو عمر، فأخبرته بما قال النبيُ فحمد الله، ثم استفتح رجلٌ فسكت هنيهة ثم قال لي: ((افتح له، وبشر بالجنة على بلوى تصيبه))، فإذا عثمان. فأخبرته بما قال رسول الله فحمد الله ثم قال: الله المستعان. [متفق عليه].
مقتله
ومن كان له علمٌ وعقلٌ عَلِمَ أن الخروجَ على السلاطين من أعظمِ الفتنِ التي تبتلى بها الأمة،من أهمها:سفكُ الدماء، ورفعُ الأمن، وحلولُ الخوفِ والجوعِ، والإفسادِ في الأرض،
وأن النصحَ والدعاءَ والصبرَ, والطاعةَ خيرٌ من نكثِ البيعة، ومفارقةِ الجماعة، وقد تضافرت نصوص الكتاب والسنة على ذلك {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:59] وقال النبي (من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه فإنه من فارق الجماعة شبرًا فمات ,إلا مات ميتة جاهلية)متفق عليه.
و في أواخر عهده ومع اتساع الفتوحات الاسلامية أراد بعضُ الحاقدين على الاسلام إثارةَ الفتنة ,فأخذوا يُثِيرُون الشبهاتِ, وينشرون الإشاعاتِ حولَ عثمان -رضي الله عنه- فانخدعَ بقولهم بعضُ الناسِ، وقابلوا الخليفةَ وطالبوه بالتنازل ، فدعاهم الى الاجتماع بالمسجد مع كبارِ الصحابة وغيرهم من أهل المدينة ، وفند مفترياتهم ,وأجاب على أسئلتهم, ثم عفى عنهم ،
ثم عادوا مرة اخرى وكان ذلك في أَواخرِ ذِي العقدة وعسكروا خارجَ المدينة .والناسُ فريقان خادعٌ ومخدوعٌ. وحاصروه ومنعوه من الخروج إلى المسجدِ وإلى السوقِ, وخلعوا إمامَ المسجدِ النبويِّ الذي عَيِّنَهُ عثمانُ ومنعوا إدخالَ الطعامِ والشرابِ عليه.
ودخلَ بعضُ أصحابِ النبي صلى الله عليه وسلم كلُّهم يريدون الدفاعَ عنه و كان أشهرُ هؤلاءِ الحسنُ بنُ عليٍ والحسينُ بن علي سيدا شبابِ أهلِ الجنة , وعبدُالله بن الزبير وأبو هريرة ومحمدُ بن طلحة بن عبيدالله وعبدُالله بن عمر و قد أشهروا سيوفَهم في وجهِ البغاةِ الذين أرادوا قتل عثمان رضي الله عنه.
لكنَّ الخليفةَ يكرهُ الفتنةَ, ويتقي اللهَ في دماءِ المسلمين, أن تسيلَ قطرةٌ من أجله.
قال ألستُ أميرَكم؟ قالوا: بلى, قال امرُكم أن يَلزَمَ كُلٌّ منكم بيتَه.
وقال من كانت لي في عُنُقِهِ بيعَةٌ فليضع سَيفَهُ.
وقال لِرقيقه مَن أَغمَدَ سيفَه فهو حُرٌّ.
.لايريد الفتنةَ, يريد أن يَحقن دماءَ المسلمين وهو يتذكر هذه المقالة( تقتل يا عثمان على بلوى تصيبك).
وهويتذكَّرُ قولَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم :إن ولَّاكَ اللهُ هذا الأمر يوماً فأراد المنافقون أن تخلعَ قميصَك الذي قمصَك اللهُ فلا تَخلَعه.
ويتذكر قصةَ ابني ادم وقولَ النبي (كن كخير ابني ادم) وقال كن عبدَالله المقتول ولا تكن عبدَالله القاتل.
ولا يريد أن تكون سنة بعده, كلما كرهَ قومٌ خليفَتهم قالوا له اخلع نفسَك.
وجلسَ في البيت يقرأُ القرانَ؟ وهم يحاصرونه فصار يُذَكِّرهُم ببعضِ فضائِلِه
قال أَنشدُ رجالاً يومَ اهتَزّ الجبلُ قال:(اسكن أحد فان عليك نبي وصديق وشهيدان)
و يوم بيعة الرضوان (لما وضعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يدا بالأُخرى وقال هذه يدي وهذه يد عثمان وبايع عني).
أنشد رجالاً شهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ من وَسَّعَ المسجدَ وسَّعَ الله عليه وبنى له به بيتاً بالجنة, ثم اشتريت أرضاً وَوَسَعتُ مسجدَ رسول الله

وفي يوم الجمعة 18 ذي الحجة سنة 35 من الهجرة أصبحَ صائماً ولَبِسَ ملابسَ زائدةَ, خشي إذا قُتِلَ أن تَنكَشِفَ عورَتُهُ . حتى وهو ميت صفة الحياء موجودة
فنشرَ المصحفَ يقرأُ القرانَ فدخل عليه بضعةُ عشر رجلاً ما فيهم أحدٌ من الصحابة و لا أبنائهم إِلا محمدَ بنَ أَبي بكر ثم تركهم وذهب.
وكان ممن افتُتِنَ بهذه الفتنة بسببِ الشائعاتِ, فقبضَه من لحيته قال لقد أَخذت مأخذا ما كان لأبي بكرٍ أن يأخذه فاستحيى وخرج واعتزل هؤلاء فلم يشاركهم في هذه الجريمة.
قالوا له: اخلعها وندعَك؟
فقال‏:‏ ‏"‏ويحك، واللَّهِ ما كشفتُ امرأةً في جاهليةٍ ولا إسلام، ولا تغنيتُ ولا وضعتُ يميني على عورتي مذ بايعتُ رسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، ولستُ خالعًا قميصًا كسانيه اللَّه عز وجل، وأنا على مكاني حتى يُكرم اللَّهُ أهلَ السعادة ويُهين اللهُ أهلَ الشقاء‏"‏‏.‏
، وقال عن نفسه أيضا قبل قتله‏:‏ ‏"‏واللَّه ما زنيت في جاهلية وإسلام قط‏"‏‏.
.
ثم قال بيني وبينكم كتابُ الله وجاء أحدُهم ممن قسى قلبُه فضرب عثمانَ بالسيف فاتَّقاه عثمانُ بيده فَقُطِعَت يدُه اليمنى قال واللهِ إنَّ هذه اليد أولُ يدٍ كتبت القرانَ الكريم من سورة ق إلى اخر المصحف في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.

بلوى عظيمة نزلت به رضي الله عنه
.ثم جاء اخر فجعلَ يخنق عثمانَ خنقاً شديداً,
اللهُ عز وجل يبتلي عبده لأجل أن يكفِّر سيئاتِه ولأجل أن يرفع درجاتِه (وليمحص الله الذين امنوا)
ثم طعنواعثمانَ تسعَ طعناتٍ.
قال الحافظ الذهبي وابن حجر وابن كثير إن أولَ قطرةِ دمٍ وقعت على المصحف على قوله (فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم).
قالت عائشة فتتبَّعَهُم اللهُ وقتلهم شرَّ قتلةٍ.
اللهُ سبحانه يُمهِل ولا يُهمِل فبعدَ أربعين سنةً قتلَ الحجاجُ اخرَهم ( إن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته)
,لم يطب لهم العيشُ إلا بقتل عثمان.
بكى الناسُ بكى الصحابةُ قُتِلَ أميرُ المؤمنين, قُتِلَ جامعُ القران, قُتِلَ المُنفِقُ بماله, قُتِلَ ذو النورين قُتِلَ الحيي الذي تستحيي منه الملائكة (ولا تحسبن الذين
فلم يراعوا له صحبتَه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ,ولم يراعوا فضلَه فإنه أفضلُ أهلِ الأرضِ في زمانه, ولم يراعوا أنه خليفةُ المسلمين ولم يراعوا عمره فكان عمره أكثر من 80 سنة , ولم يراعوا الشهرَ الحرامَ ولا البلدَ الحرام.
ودُفِنَ بالبقيع رضي الله عنك يا عثمان.
أيها المؤمنون تُعتبر فتنةُ مقتلِ الخليفةِ الراشد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- مصيبةٌ عظيمةٌ، وحدثاً خطيراً في التاريخ الإسلامي.
بارك الله لي ولكم في القران الكريم
الخطبة الثانية
عثمان رضي الله عنه أميرُ البررة وقتيلُ الفجرة، مخذولٌ من خذله، ومنصورٌ من نصره إنه صاحبُ الهجرتين, ذو النورين وهو أحدُ العشرة المشهود لهم بالجنة,وهو ثالثُ الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين.
حكمَ الأمةَ الإسلاميةَ اثنا عشرة سنة، كثُرت في عهده الفتوحات، وجمعَ الله به ما اختلف عليه الناسُ، فقد جمع القرآن في عهده على حرف واحد, وحجّ بالناس عشر حجج متوالية, وهو أحدُ الستة الذين توفي رسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ وهو عنهم راضٍ
، كان عادلاً رحيماً ، فأحبَّه الناسُ ورضوا به، ولذلك لمَّا كان يومُ موته حزن الناسُ عليه حزناً شديداً، وبكى كبارُ الصحابة ، وتأسفوا عليه أسفاً بالغاً.
و لماذا لا يبكُون ويتأسَّفُون ويحزُنُون وهم يفتَقِدون رجلاً صالحاً ,وإماماً عادلاً، إماماً نشر فيهم العلمَ والدين، وحكمَ بهم بشريعةِ سيد المرسلين،
ولم يثبت أن أحداً من الصحابة شاركَ في مقتلِ عثمان إلا ما كان من موقف محمدِ بن أبي بكر كما سبق انفا ، بل حاولَ الصحابة رضي الله عنهم أن يدافعوا عن عثمان ولكنه أمرهم رضي الله عنه بالكف عن القتال ولزوم بيوتهم، واختار حقنَ دمائِهم وفداءَ أرواحِهم بدمِه وروحِه.
كُتِبَ الفناءُ على النفوسِ فما يُرى حيٌّ يدومُ مخلداً ويعمَّرُ
لكن من اتَّخَذَ الصلاحَ شعارَه تفنى الخليقةُ وهو حيٌّ يُذكَرُ
مَا مات من نشرَ الفضيلةَ والتُّقَى وأقامَ صَرحاً أُسُّهُ لا يُكسرُ
ماذا أقولُ عن المصابِ ومُهجَتي ألماً تغص وعَبرتي تَتَكَسَّرُ
هكذا يفعلُ الإيمانُ بأهله هكذا يفعل الصدقُ بأهله هكذا يفعل الإخلاصُ بأهله إنها التضحيةُ , إنها التقوى , إنها الخشيةُ
رضي الله عنك يا عثمان وجمعنا بك في جنات النعيم مع الحبيب محمد

No comments:

Post a Comment