Tuesday, August 10, 2010

د. خالد الحايك


قال الإمام البخاريّ في (كتاب الصوم) من "صحيحه":باب وجوب صوم رمضان، وقول الله تعالى: }يا أيّها الّذين آمنوا كتب عليكم الصّيام
كما كتب على الّذين من قبلكم لعلّكم تتّقون{. ثمّ ساق بإسناده إلى طلحة بن عبيداللّه - أحد العشرة المبشرين - أنّ أعرابياً جاء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ثائر الرّأس، فقال: يا رسول الله، أخبرني ماذا فرض الله عليّ من الصلاة؟ فقال: الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئاً. فقال: أخبرني بما فرض الله عليّ من الصيام؟ فقال: شهر رمضان إلا أن تطوع شيئاً. فقال: أخبرني ما فرض الله عليّ من الزكاة؟ فقال: فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم شرائع الإسلام. قال: والذي أكرمك لا أتطوع شيئاً ولا أنقص مما فرض الله عليّ شيئاً. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أفلح إن صدق، أو دخل الجنة إن صدق. ثمّ ساق بإسناده إلى ابن عمر رضي الله عنهما قال: صام النبي صلى الله عليه وسلم عاشوراء وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان ترك. وكان عبدالله لا يصومه إلا أن يوافق صومه.أراد الإمام البخاريّ أن يبيّن وجوب صوم رمضان، فساق الآية الكريمة في ذلك، ثم احتج بما ورد في سنة النبيّ صلى الله عليه وسلم في سؤال هذا الرجل عن شرائع الإسلام، فذكر من بينها الصيام وأنه واجب.وقد افتتح الإمام النسائي كتاب الصيام من "السنن" بهذا الحديث تحت باب: «وجوب الصيام».وقد أراد الإمام البخاري بإيراده الآية الكريمة في تبويبه مبدأ فرض الصيام، وأراد كذلك أن يبين الخلاف بين أهل العلم في مسألة هل كان رمضان أول ما فرض من الصيام أم أنه فرض قبله صوم عاشوراء، وذلك بسوقه حديث ابن عمر في ذلك، والمسألة مشهورة في ذلك، والراجح أن صيام عاشوراء كان فرضاً قبل صيام رمضان، فلما فرض رمضان ترك صوم عاشوراء، فمن شاء صامه ومن شاء تركه، وكان ابن عمر لا يصومه إلا إذا وافق صيامه الذي يصومه ذلك اليوم. وقد ذكر الطبري - رحمه الله - في كتابه «تهذيب الآثار» من كان يصوم عاشوراء من الصحابة والتابعين ومن كان لا يصومه.معنى الصيام لغة وشرعاًالصّوم والصّيام في اللّغة: الإمساك. والصيام مصدر، من قول القائل: «صمت عن كذا وكذا»، يعني: كففت عنه. وأصوم عنه صوماً وصياماً.ومعنى الصيام: الكف عما أمر الله بالكف عنه. ومن ذلك قيل: صامت الخيل، إذا كفت عن السير، ومنه قول الله تعالى ذكره: }إنّي نذرت للرّحمن صوماً{، يعني: صمتاً عن الكلام.وفي الشّرع: إمساك مخصوص في زمن مخصوص عن شيء مخصوص بشرائط مخصوصة.قال صاحب «المحكم»: الصّوم ترك الطّعام والشّراب والنّكاح والكلام، يقال: صام صوماً وصياماً ورجل صائم وصوم.وقال الرّاغب الأصفهاني: الصّوم في الأصل الإمساك عن الفعل، ولذلك قيل للفرس الممسك عن السّير صائم، وفي الشّرع: إمساك المكلّف بالنّيّة عن تناول المطعم والمشرب والاستمناء والاستقاء من الفجر إلى المغرب.وهذا الحديث جامع لأركان الإسلام الخمس، وفي ذلك إشارة إلى أنها تؤخذ بالكلية، ولذلك حارب أبو بكر من امتنع عن أداء الزكاة، ومن العلماء من يقول بعدم قبول صيام من لا يصلي، والله المستعان

No comments:

Post a Comment